الدكتور المسير الذي عاش منحازاً للحياء !!

كان الدكتور محمد سيد أحمد المسير على صلة بدراسة الشيوعية، وعلى صلة بدراسة الشيعة أيضا ، ويذكر له أن كان من العلماء الذين زاروا موسكو وزاروا طهران أيضا..

قدر للدكتور محمد سيد أحمد المسير أن يتوفى في سن الستين،  مع ما كان ينتظره من مجد،  فقد كان من أبرز أبناء جيله من أساتذة العقيدة الأزهريين إن لم يكن أبرزهم .

وقد ساعده على اللمعان أنه أنهى دراساته العليا مبكرأ ،  فحصل على الدكتوراه في العقيدة والفلسفة في سن الثلاثين (1978) من كلية أصول الدين، واتصل بكثير من أعلام علماء عصره، وتدرج في السلك الجامعي حتى أصبح أستاذ العقيدة والفلسفة بكلية أصول الدين، واتصل بالجمعية الفلسفية المصرية.

إذ كان الدكتور محمود زقزوق رئيسا لها،أما أكثر ما كان الدكتور محمد سيد أحمد المسير  يتمتع به فهو أنه كان حيياً وذا وجه كريم ، وكان يدعو إلى نشر الحياء، وكان ينحاز للفضيلة ، وكان بعيداً في الوقت نفسه عن الهجوم على من يعارضون الفضيلة، وكان حريصا على أن يستخدم اللفظ العفيف حتى فيما تبدو عفة اللفظ بعيدة منه.

الدكتور محمد المسير

ينتمي الدكتور محمد المسير إلى عائلة متصلة بالعلم فوالده هو الشيخ سيد أحمد المسير (1907 ـ 1975) وجده لوالدته وهو الشيخ عبد العزيز متولي عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر وأستاذ أصول الفقه بكلية الشريعة وأخواله جميعا من علماء الأزهر، وقد روى أنه حفظ القرآن الكريم على يد والدته التي بقيت على قيد الحياة حتى 2001.
ولد الدكتور محمد المسير في كفر طبلوها مركز تلا بالمنوفية في 8 يونيو 1948، وهو المركز الذي ولد فيه أيضا الدكتور إسماعيل الدفتار (19٣٦ ـ 20١8) وكلاهما من أساتذة أصول الدين، وكلاهما من أبناء الأساتذة الأزهريين.

ومما أتعجب له في عقلي الباطن أني كنت طيلة حياتهما لا أذكر أحدهما إلا وذكرت الآخر، ولم اعلم انهما من مركز واحد وبظروف تشابههما في النشأة والتكوين إلا حين جهزت نفسي للكتابة عنهما.
 وقد تلقى الدكتور محمد المسير العلم على والده وعلى زملاء والده ، ودرس في معهد شبين كوم الديني قبل عصر اختصار الدراسة الأزهرية فحصل على الشهادة الإعدادية في 1964 والثانوية في 1969 ثم على الشهادة العالية في 1973 وهو السن الذي كان يمثل الحد الأدنى للتخرج في جيله.

عمل الدكتور محمد المسير بعد حصوله على الدكتوراه أستاذا مشاركا في كلية التربية جامعة الملك عبد العزيز بالمدينة المنورة (1983 ـ 1987) ثم أستاذا للعقيدة والأديان في كلية الدعوة وأصول الدين في جامعة أم القرى بمكة المكرمة (1993 ـ 1998) وهكذا قضى خمسة عشر عاما من عمره العلمي المثمر في المملكة السعودية كانت مصر أولى بها لولا ما نعرفه عن ظروف مصر.
وكان الدكتور محمد سيد أحمد المسير قادراً على أن يتحدث في أمور الميتافيزيقيا بأسلوب علمي وعقلي دون حاجة إلى اللجوء إلى كثير من المرويات، أو إلى خلق هالة من قداسة التصوف أو تجلياته.
نشاطه
عهدت الدولة إلى الدكتور محمد سيد أحمد المسير بكثير من المستويات التوجيهية والتدريبية في وزارة الأوقاف حيث كان مستشاراً للوزير لفترة طويلة، ومشاركا في تدريب الأئمة.
شارك الدكتور المسير كذلك في عضوية لجنة اختيار القراء في الإذاعة والتلفزيون وفي عضوية لجان المجلس الأعلى للشئون الإسلامية.
اشترك الدكتور المسير في كثير من المؤتمرات والندوات في مصر السعودية وعمان والامارات والكويت وبغداد. واشترك في كثير من المؤتمرات الإسلامية في الدول الإسلامية في آسيا في كازاخستان وطشقند وباكو وعشق أباد وتيرانا عاصمة ألبانيا أيضاً.

كان وجه  الدكتور محمد المسير شأن وجه الدكتور محمد سيد طنطاوي من الوجوه التي توحي بالصلاح أيا ما كان الرأي في سلوك صاحبها، ولا نزكي على الله أحداً، لكنهما رُزقا هذا الوجه، وكان وجه الدكتور المسير أكثر إيحاء بصلاحه.
أما في أحاديثه التلفزيونية وإطلالاته فقد كان الدكتور المسير قادراً على جذب المشاهدين بنبرته الهادئة الواثقة، ومقارباته الذكية للعقيدة والسلوك، وقدرته على تأصيل المعاني الجمالية في النفوس، كما كان حريصا على الاشتباك مع قضايا العصر بطريقة غير مباشرة تحفظ للعقيدة التي يتحدث من خلالها مكانها العالي في تفسير ما هو حادث بعيداً عن إقحامها مباشرة في ثنايا حديثه وهو أسلوب جيد في الدعوة
ومن البرامج الدينية التي شارك فيها “بريد الإسلام” “رأي الدين” “عقيدة وعمل».

كان الدكتور محمد سيد أحمد المسير على صلة بدراسة الشيوعية، وعلى صلة بدراسة الشيعة أيضا ، ويذكر له أن كان من العلماء الذين زاروا موسكو وزاروا طهران أيضا.
كان الدكتور محمد المسير من الشجاعة الفكرية بحيث كتب عن كارل ماركس ومع أنه لم يُبد إعجابا به، فإن فكرة إفراد اسمه في عنوان كتابه بديلاً عن الحديث التقليدي باسم مذهب الشيوعية والماركسية تدل على فهمه لقيمته الفكرية مع كل تحفظ عليها.
آثاره (مرتبة أبجديا ) :
أخلاق الاسرة المسلمة
أصول النصرانية في الميزان
الإلهيات في العقيدة الإسلامية
التمهيد في دراسة العقيدة الإسلامية
الرسالة والرسل في العقيدة الإسلامية
الرسول والوحي
الروح في دراسات المسلمين والفلاسفة، دار المعارف
الشفاعة في الإسلام
المجتمع المثالي في الفكر الفلسفي وموقف الإسلام منه
النبوة المحمدية، الوحي، المعجزة العالمية
تيسر العقيدة بشرح الفريدة
عالم الغيب في العقيدة الإسلامية
عبادة الشيطان في البيان القرآني والتاريخ.
كارل ماركس والمجتمع الشيوعي في ميزان الإسلام
وفاته
توفي الدكتور محمد سيد أحمد المسير في 2 نوفمبر 2008.

المدونة لا تعبر عن موقف أو رأي الجزيرة مباشر وإنما تعبر عن رأي كاتبها