التلاعب بالأرقام الاقتصادية في مصر

البنك المركزي المصري
البنك المركزي المصري

تتلاعب الحكومة المصرية بالأرقام، منتهجة نفس السياسة التي سارت عليها حكومات المخلوع حسني مبارك المتعاقبة طوال 30 عاما، وأحدث الأمثلة على ذلك الأرقام المعلنة من قبل البنك المركزي المصري بشأن ميزان المدفوعات.

فقد أعلن البنك المركزي المصري عن تحقيق ميزان المدفوعات المصري فائضاً كلياً بلغ 13.7 مليار دولار خلال العام المالى الماضى 2016-2017 المنتهي في يونيو/حزيران الماضي، كفرق بين موارد النقد الأجنبى التى بلغت 100.597 مليار دولار، والمدفوعات البالغة 86.880 مليار دولار، مقارنة بعجز بلغ 2.8 مليار دولار العام المالى المنتهى فى يونيو/حزيران 2016.

ويسمى الفرق بين موارد العملات الأجنبية التى تحصل عليها أي دولة وبين مدفوعات النقد الأجنبى التى تدفعها للدول الأخري بـ “ميزان المدفوعات”، فلو كان ما تحصل عليه أكبر مما تدفعه فميزان مدفوعاتها به فائض، ولو كان ما تدفعه أكبر مما تحصل عليه فميزان مدفوعاتها به عجز بمقدار الفرق .

وجاء في تقرير البنك أن الفائض الذى حققه ميزان المدفوعات هو الأعلى منذ عام 2011، وكشفت البيانات تراجع العجز فى حساب المعاملات الجارية بنسبة 21.5% ليصل إلى 15.6 مليار دولار خلال العام المالى الماضى مقابل 19.8 مليار دولار العام المالى السابق له.

وأرجع البنك المركزى تحسن مؤشرات حساب المعاملات الجارية إلى تراجع العجز فى الميزان التجارى 8.4% ليصل 35.4 مليار دولار، مدعوما بارتفاع حصيلة الصادرات السلعية البترولية وغير البترولية بقيمة 3 مليارات دولار لتصل إلى 21.7 مليار دولار بزيادة 15.9%.

وبينما يرى مؤيدو قرار تحرير سعر الجنيه أمام الدولار، أن تحسن مؤشرات ميزان المدفوعات الخارجية نتيجة إيجابية ومباشرة لقرار تحرير سعر الصرف الذى ساهم فى تحسين التنافسية للاقتصاد المصري وتحفيز الاستثمار الأجنبي، يؤكد خبراء اقتصاد أن هناك عجزا كبيرا في الميزان وليس فائضا.

عجز وليس فائض

ويرى الخبير الاقتصادي ممدوح الولي أن ميزان المدفوعات به عجز حقيقى ضخم وليس فائضا، حيث إن البيانات التفصيلية للموارد أشارت لبلوغ قيمة القروض والودائع وتسهيلات الموردين 19.975 مليار دولار ، وبلغت مشتريات الأجانب لأذون الخزانة المصرية قصيرة الأجل 10 مليارات دولار، كما بلغت مشتريات الأجانب للسندات التي طرحتها مصر بالخارج 6.8 مليار دولار ، ليصل مجموع موارد الاقتراض الثلاثة 36.77 مليار دولار ، بينما بلغ الفائض بالميزان الكلى للمدفوعات 13.717 مليار دولار ، أى أنه بدون تلك الموارد الثلاثة للاقتراض يصل العجز الكلى بميزان المدفوعات أكثر من 23 مليار دولار خلال العام المالى الأخير .

وعلى الرغم من الإجراءات الحكومية لتقييد الواردات السلعية الشهور الماضية فإن الوادرات تراجعت بقيمة متواضعة بلغت نحو 265.6 مليون دولار لتصل إلى 57.1 مليار دولار، بانخفاض 0.5% عن العام المالى 2015-2016.

وتسبب ارتفاع الواردات البترولية بقيمة 1.9 مليار دولار، لتصل إلى 11.1 مليار دولار العام المالى الماضى مقابل 9.2 مليار دولار العام السابق له، فى خفض معدل التراجع فى الواردات.

وأشار تقرير البنك المركزى إلى ارتفاع فائض ميزان الخدمات ليسجل 6.8 مليار دولار بنمو 4.3% نتيجة تراجع مدفوعات السفر العام المالى الماضى لتصل 2.7 مليار دولار مقابل 4.1 مليار دولار العام السابق له، وهو ما انعكس على انخفاض استخدامات بطاقات الدفع الإلكترونى لتصل 1.6 مليار دولار مقابل 2.5 مليار دولار العام السابق له.

وشهدت إيرادات قطاع السياحة تحسناً لتصل 4.4 مليار دولار مقابل 3.8 مليار دولار، بينما تراجعت إيرادات قناة السويس لتسجل 4.9 مليار دولار مقابل 5.1 مليار دولار العام السابق له.

وأظهر ميزان المدفوعات استحواذ تحويلات أرباح الشركات الأجنبية على 64% من مدفوعات الاستثمار لتبلغ 3.1 مليار دولار من إجمالى المدفوعات البالغة 4.9 مليار دولار.

المدونة لا تعبر عن موقف أو رأي الجزيرة مباشر وإنما تعبر عن رأي كاتبها