الترجمي ما زال لديه ما يقوله لنا !!

الرجل الذي يشبه الشجرة الباسقة ، لا تدري أيهما أكثر حلاوة زيتون العلم ، والثقافة الذي يتدلى منه كثريات الكريستال ، أم تلك الكلمات التي يستقبلك بها صباحا من نبع خلُقهِ الرقراق.

أحبه بعاطفة تتجاوز الأسباب، رغم وجودها، وهي عاطفة بلا مثيل إذا استثنيت أقرب الأهل وأعز الأصدقاء، فإن لم أستثنهم، كان هو من ضمنهم .  

لا أتعامل معه كطالب عادي، بل كمحب ، وكما يقال من لا يشكر الناس لا يشكر رب الناس ، لذلك تلزمني كافة أبيات الشكر و العرفان  فهذا الرجل له ” كاريزما ” مختلفة ، يستوطن النفس ( دفعة واحدة ) ،  يجعلك تأكل الفجر طازجًا كرغيف ساخن مع العصافير ، الهواء المنعش ، الندى ، و كل ما يتعلق بالصباح ، يوزع خيرات ملكيته العلمية الثقافية و التربوية  و في أحيان كثيرة  الأبوية على الجميع بالتساوي ، لا يستثني أحدًا ، ما يشبه التنويع الموسيقي إلى حد كبير .

طلاب سعوديون في إحدى المدارس بالمرحلة الثانوي

 أنه محمد سالم الترجمي؛ هذا الاسم الأنيق لمعلم مواد اللغة العربية ، كان معلمي بالمرحلة الإبتدائية ، بالمناسبة ما زال يعمل بالسلك التعليمي ، أي فيما ما معناه أن  الترجمي ما زال لديه ما يقوله لنا ، و للأجيال القادمة .

ذلك الرجل الذي يشبه الشجرة الباسقة ، لا تدري أيهما أكثر حلاوة زيتون العلم ، و الثقافة الذي يتدلى منه  كثريات الكريستال ، أم تلك الكلمات التي يستقبلك بها صباحا من نبع خلُقهِ الرقراق .

لكن ما هو ( مُتفق ) عليه أن حصصه التعليمية كانت أحلى من الوردة عشرة  مرات ، أو يزيدون ، فهذا الرجل يصرف جهدا ، و وقتا عظيما فقط من أجل أن يزرع فيك حب لغة الضاد ، و لو عن طريق ( بذرة وحيدة ) !!. 

لم يفاجئني ترحابه ، و نبل أخلاقه ، و سمو أصله أثناء تواصلي معه قبل فترة قريبة، فما انطبع في الذاكرة عن شخصه منذ تلك الفترة الزمنية جعلني لا أستغرب  شيئًا ، كانت الأحاسيس ، و العواطف تتعانق بضراوة شديدة ، مما يجعلني أقدر جيدا من أي معدن طيب وأصيل هذا الرجل .

فما عهدته منه ترسخ في ذاكرتي كأمر هلامي ، و خرافي ، نعم كان الترجمي أمامنا في كل صباح أصدق من التأريخ ، و أعمق من الجغرافيا ، و في  كل مساء كان القمر يفرش ملاءته الفضية على الكون كان أيضا طموحا ، و شغفا لنا في منازلنا؛ فقد كان يوما بعد يوم يستعرض  و دون تخطيط  مسبق نسب تفوقه على كل ما يمكن للخيال إقتراحه من [ أساطير وهمية  !!. 

لا زلت أتذكر بوضوح مشرق كيف كان يعلمنا طريقة كتابة موضوع تعبيري بأنماط مختلفة ، تنسيق الكلمات، و الأفكار ، و الميكانيكية الصحيحة للكتابة بطريقة  جذابة.

قد أصدقكم القول إن قلت لكم :إن الترجمي ترك خلفه أكثر مما تراه العين كما يقول التعبير الإنجليزي ؛ و من هذا المنطلق أجد فرصة لتقديم مساحة وافرة ، مطرزة بأسمى آيات الشكر ، و العرفان للترجمي ، و لكافة أضلاع الشكل الهندسي الفريد ، في هذه البلاد ، و البلدان الأخرى ممن استشعروا أهمية هذه المهنة الشريفة ، و قدموا الغالي ، و النفيس من أجل الإرتقاء بالأجيال القادمة ، و تربيتها على الجادة الصحيحة، كلمات  الشكر لن توفيهم حقهم ، و لا حتى قبلات ( تيجان التقدير ) لرؤوسهم .

 

المدونة لا تعبر عن موقف أو رأي الجزيرة مباشر وإنما تعبر عن رأي كاتبها