التربية اللاعنفية

قد يرتكب الوالدان دون قصد منهم بعض أشكال العنف مع أبنائهم بدافع التربية والتقويم، ومن أهم أشكاله العنف أو الإيذاء البدني

أطفالنا هم أثمن وأعز ما نملك في حياتنا، ولذا فإن جميع الآباء والأمهات يحرصون على تربية أبنائهم التربية القويمة وتنشئتهم التنشئة الصحيحة التي تجعل منهم أفرادا إيجابيين ومميزين في المجتمع، ولكن أحيانا تختلط القسوة أو العنف مع عمليات التربية وأساليب تنشئة الأطفال، الأمر الذي يخرج لنا جيلا عنيفا من الأطفال والشباب في المستقبل.

إننا عندما نتحدث عن اللاعنف في التربية علينا أن ندرك جيدا أن التصرفات السلبية للأطفال وكذلك الشباب هي مرآة لسلوكنا نحن البالغين، فالأفراد البالغون الراشدون سواء كانوا آباء أو أمهات لديهم جميعا معتقدات عن مفهوم التربية وتنشئة الأجيال، وبمقدار ما لديهم من معتقدات ومعارف وتجارب وخبرات، يكونون مسؤولين عن تشكيل سلوكيات أبنائهم، وبقدر ما تكون هذه المعتقدات والمعارف إيجابية يكون سلوك الأبناء إيجابيا، وبالعكس صحيح أيضا.

إنَّ الطفولة هي مرحلة عمرية شديدة الأهمية والخطورة على حد سواء، وهي مرحلة قائمة ومتكاملة في حد ذاتها، ومن حق الطفل أن يحياها بكاملها.

ويحرص الوالدان على ذلك بالطبع، إلا أنهم قد يرتكبان دون قصد منهم بعض أشكال العنف مع أبنائهم بدافع التربية والتقويم، ومن أهم أشكال هذا العنف: العنف الجسدي أو الإيذاء البدني وهو أي نوع من أنواع سلوكيات التربية المتعمدة التي ينتج عنها إحداث الضرر والأذى على جسم الطفل، وكذلك هناك العنف النفسي، وقد اختلفت التسميات حول مفهوم هذا النوع من الإيذاء، فهناك من يطلق عليه “العنف النفسي” أو “الإيذاء العاطفي” ، ويتضمن التهديد والتخويف و الإساءة اللفظية  أو مطالبة الطفل بالقيام بأشياء ليست ضمن إمكانياته الجسدية والنفسية والعقلية أيضا.

ويعرف العنف النفسي بأنه أي سلوك أو عمل متعمد يصدر من قبل أحد الوالدين، أو كليهما، أو غيرهم، ويتسبب في إحداث نوع من أنواع الضرر والأذى للطفل، وذلك باتباع الأساليب التي تسبب ألمًا نفسيًا للطفل كالسخرية منه، أو إهماله، أو نبذه، أو تهديده، أو تخويفه، أو توجيه العبارات الجارحة له، أو معاملته معاملة سيئة، أو التفرقة بينه وبين إخوته، أو حرمانه من العطف والمحبة والحنان… إلخ، وغير ذلك من الأعمال التي تتسبب بالأذى النفسي للطفل كنتيجة لها.

ولا شك أن كل ذلك يعد من الأمور التي تتعارض مع حقوق الطفل المختلفة، والسؤال الآن: كيف يمكننا أن نصل لتحقيق التربية اللاعنفية حتى يتمكن كل المعنيين بالطفل من حماية أطفالهم من آثار العنف؟ بالتأكيد يمكننا ذلك إذا علمنا جيدا وألممنا بكل أنواع العنف وتجنبناها مع أبنائنا، وكذلك إذا أسرعنا بتقديم المساعدة للطفل المعنّف واحتوائه بصورة حنونة وإنسانية فإن فرص شفائه وتخليصه من الآثار التي قد تدوم في ذاكرته لمراحل عمرية لاحقة تزداد بصورة كبيرة.

وفي الختام أقول: إنَّ كل فرد بالغ في المجتمع هو مسؤول بصورة مباشرة أو غير مباشرة عن تعزيز وتدعيم قيم وركائز التربية اللاعنفية من أجل الوصول إلى جيل إيجابي من لناشئة، جيل متكيف مع مجتمعه ومساهم في تطويره وتنميته. 

المدونة لا تعبر عن موقف أو رأي الجزيرة مباشر وإنما تعبر عن رأي كاتبها