إمام الحرمين وقطب العالم الغائب

من يروي للإمام غاب عنه الملك، أم أن الغياب عن الاجتماع حنكة سياسية، أو قد يكون غياب خير من ألف ميعاد، أم التواري عن الأنظار من فضائل الأعمال وزهد بالدنيا وما فيها!

من يروي لإمام الحرم المكي قصة الأمس وما دار في اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة الذي غاب عنه القطب الثاني في قيادة العالم “السعودية” على حد وصفه، من مثّل القطب الثاني ومن حمل همومه وعرض مشاريعه كما فعل باقي الزعماء والقادة؟

أم أن القطب الثاني فوض القطب الأول تفويضاً مطلقاً بحضور الشيخ السديس قبل أيام في نيويورك ونحن لا نعلم! أم أن الغياب عن الاجتماع حنكة سياسية، أو قد يكون غياب خير من ألف ميعاد، أم التواري عن الأنظار من فضائل الأعمال وزهد بالدنيا وما فيها!

من يروي لإمام الحرم المكي أن زعماء العالم حضروا وفي جعبة كل واحد منهم قضية يؤمن بها بغض النظر عن كونها عادلة أم لا، من يروي له أن القطب الأول الذي وصفه وشرعن قداسته حمل هم الولايات المتحدة فقط وكان لسان حاله في الاجتماع “نفسي نفسي” أمريكا ومن بعدها الطوفان، وهدد بحرب وإبادة دولة بأكملها لم يلق بالاً لوظيفة الأمم المتحدة في العالم حتى أطرق الحضور، وما كان من ممثلة السويد إلا أن قالت عن خطابه: خطاب خطأ في مكان خطأ وأمام الحضور الخطأ.

ومن يصف للإمام أمجاد دولة إسرائيل على لسان نتنياهو التي بنوها بدعم ورعاية القطب الأول “أمريكا” بعد اغتصاب الأرض والمقدسات والحرب والمحارق وسلسلة المجازر والاستيطان والتهجير والحصار، وتباهى بأنه بدأ مواصلة المشوار بمعية من يصفهم حلفاء العرب.

من يصف له التخلف ونسب الفقر في العالم العربي والإسلامي وحال شعب فلسطين المحتلة وشعوب دول الطوق وليبيا ما بين شهيد وأسير جريح ولاجئ ومهجر ومعتقل وملاحق بتهمة إرهاب وتطرف وفقير وعارٍ  وعاجز ومحروم وعاطل عن العمل، ومن يأتيه بحديث أهل اليمن وضربات التحالف العربي التي لا تفرق بين مدني وعسكري ومن لا بواكي لهم في مجازر تعز التي تنفذ بأيدي مليشيات الحوثي صالح وبدعم من عصابة أبو ظبي الشريكة في التحالف.

من يروي لإمام الحرم أن هذا الاجتماع عُقد والأمة العربية والإسلامية غارقة بهموم وخلافات وصراعات وحروب وتهجير ولجوء، ومع هذا لم يأت القطب الثاني “السعودية” الذي زعم أنها تقود العالم، واختزل دوره أمام العالم أنه أحد أطراف النزاعات في المنطقة العربية وجندي مطيع في جيش محاربه الإرهاب.

من يعرض للإمام بالصورة والصوت الزعماء والقادة والمتحدثون الذين حملوا هموم شعوب العالم العربي والإسلامي في خطاباتهم بدلاً عن قطب العالم الغائب، ومن تجاهلها ومن ناهضها وتحدث ضدها ضمنياً أو بوضوح.

من يقول لعابد الحرمين “السديس” الزاهد الناسك أن أعداء الأمة العربية والإسلامية وزعماء العالم وقادته استوعبوا في اجتماع الأمم المتحدة الأخير أن قضايا الأمة اليوم لم تعد من الأولويات الملحة لنظام الحكم في المملكة، فمن الصعب أن نعرف أين موقع هذا القطب الذي يقود العالم مع أمريكا في المجتمع الدولي وبأي صف يقف، ولا نعلم إن كان مع شعوب العالم الإسلامي الذين يدعوا الإمام لهم في صلواته أم مع أنه الأسف! …

المدونة لا تعبر عن موقف أو رأي الجزيرة مباشر وإنما تعبر عن رأي كاتبها