أين الجثة؟ جريمة السعودية الكبرى

كأحد المراسلين الصحفيين الذي تابعوا جريمة مقتل الكاتب الصحفي السعودي الشهيد جمال خاشقجي لحظة بلحظة من ليلة مقتله وحتى الاعتراف السعودي الرسمي بتنفيذ الجريمة، ظل سؤال أين جثة الفقيد ومصيرها هو الحلقة الأكثر غموضاً في الجريمة التي سجلت كافة تفاصيلها الدقيقة.

تفاصيل قال كل من استمع إلى التسجيل الصوتي للجريمة،إنها أفظع من أن يتم وصفها، حتى إن بعض أشد المدافعين عن حق خاشقجي في محاكمة قاتليه، هو أيضاً أشد المعارضين لنشر التسجيل الصوتي الذي فُرغ بعض من أجزائه ونشر في عدد من الصحف التركية والعالمية، لفزاعته وقسوته على أسرة الشهيد وأحبائه.

أركان الجريمة

هذا التسجيل الذي فضح كل أركان الجريمة، التي تستحق أن تتوج كأغبى وأحقر جريمة سياسية في القرن الواحد والعشرين، ارتكبتها الدولة السعودية بكافة مؤسساتها، والتي شارك فيها بشكل مباشر حسب التحقيقات التركية 21 متهما، منهم 3 موظفين في القنصلية السعودية من الاستخبارات السعودية، كانوا فريق الدعم اللوجيستي، بالإضافة للقنصل السعودي محمد العتيبي الذي تمت الجريمة تحت سمعه وبصره وداخل مكتبه، وتم تسجيل صوته قبل وأثناء وبعد تنفيذ الجريمة، وتخرج السعودية الآن لتقول إنه أثبت عدم وجوده في القنصلية يوم وقوع الجريمة.

طائرات خاصة و15 شخصاً وصلوا من السعودية على طائرات خاصة يرأسهم حارس ولي العهد السعودي ماهر المطرب، والطبيب الشرعي صلاح الطبيقي، الذي يثبت اصطحابه ضمن فريق التنفيذ النية المسبقة لقتل خاشقجي والتخلص من جثته، والتي تخرج النيابة السعودية بعد أكثر من عام على الجريمة لتقول إنه لم تكن هناك نية مسبقة للقتل.

بالإضافة إلى فريق لاحق مكون من شخصين، تم إرساله بعد 9 أيام من الجريمة لمحو آثارها في القنصلية ومنزل القنصل السعودي بإسطنبول، تحت غطاء أنه فريق تحقيق سعودي، ولكنه فشل أيضاً وتم إثبات وجود أدلة جنائية في مسرح الجريمة.

بالإضافة للمحرضين والمخططين لهذه الجريمة، والذين إما لم توجه لهم التهمة أو تم تبرئتهم، وكأن هذا الفريق الضخم من القتلة، والطائرات الخاصة تحركت من تلقاء نفسها، في دولة لا يسمح لمسئول فيها أن يتنفس دون أذن من مكتب ولي العهد.

اخفاء الجريمة

ولكن على الرغم من كشف كل هذه التفاصيل وما دار لحظة بلحظة داخل القنصلية من قبل دخول الشهيد وحتى اللحظة التي لفظ فيها أنفاسه الأخيرة، الجريمة الأولى وهي استدراجه بعد إعطائه الأمان، وقتله بأوامر من ولي العهد السعودي الشريك الأول في الجريمة، والجريمة الثانية الأبشع التي ارتكبها الجزار صلاح الطبيقي بتقطيع جثمانه، واصطحاب الأشلاء لمنزل القنصل -الذي تم تبرئته من النيابة السعودية-،

 فقدت آثار الجثة، لتكون جريمة ثالثة شاركت فيها كل المؤسسات السعودية بداية من الديوان الملكي، والمخابرات السعودية، والنيابة والقضاء وكل وزير ومسئول برر ودافع عن قتلة خاشقجي، وهي جريمة إخفاء أشلائه، وعدم تكريم جثمانه بالدفن اللائق، وحرمان أسرته من معرفة مصيره.

جريمة إخفاء جثمان الشهيد جمال خاشقجي، هي جريمة مستمرة حتى بعد مرور أكثر من عام على استشهاده، ، جريمة لن تنسى، وسيأتي اليوم الذي سيكشف عن مصيره، ويحاسب قتلته.

المدونة لا تعبر عن موقف أو رأي الجزيرة مباشر وإنما تعبر عن رأي كاتبها