أنور لوقا الذي تتبع الطهطاوي ولم يكرر نجاحه

قادته دراسته لرفاعة إلي الاهتمام بفترة الحملة الفرنسية، وآثر لسبب غير معروف أن يسير علي خطي لويس عوض في مناقضة الإجماع التاريخي والوطني والانحياز للمعلم يعقوب.

كان الدكتور أنور لوقا (1927 ـ 2003) نموذجا لأساتذة الأدب الفرنسي المصريين؛  الذين انتقلوا بنشاطهم إلى فرنسا في عهد ثورة ١٩٥٢ وبقوا فيها.

وكان بما أتيح له من الحظوظ  قادرا على أن يكون رمزا من رموز التواصل الفكري بين العرب و الفرنسيين، وأن يمتد بجهده في دراسة التأثيرات الفكرية برصد واستقصاء وتعقب الإنتاج الفكري .

لكنه لم يمض في هذا الطريق طويلا،  ومع أنه صاحب قدرات  بيانية ومهارات بحثية فإن إنتاجه كان أقل بكثير مما أتيح له من الفرص  الأكاديمية في عصر ذهبي لا يتكرر .

نشأته مع الثقافتين

ولد الدكتور أنور لوقا في مدينة ملوي بالمنيا (1927) لأب يعمل بالتجارة، وتلقي تعليمه في مدرسة «يوسف غطاس»، وهي مدرسة قرآنية تابعة لمؤسسة الوقف الإسلامي، و انتقل بعدها إلي المدرسة القبطية، وفيها تعلم الإنجليزية، ثم التحق بكلية الآداب جامعة القاهرة وتخرج في قسم اللغة الفرنسية.

نما إعجاب الدكتور أنور لوقا بالدكتور طه حسين؛ حين قرأ ترجمة عميد الأدب  العربي لمسرحية «اندروماك»، ووجد أشعار راسين تتحول إلى نثر عربي رائع، فقرر أن يترجم «بيرينيس» بالطريقة نفسها، ووضع لها مقدمة، وأهدى محاولته إلى أستاذه طه حسين .

كما كتب عن كتاب “المعذبون في الأرض”  مقالا بالفرنسية، و أتيح له أن يقابل طه حسين وعرض عليه فكرته أن يكون موضوعه للماجستير في الأدب الفرنسي عن رحلة الطهطاوي إلى باريس، باعتبارها تحقيقا عربيا عن الحضارة الفرنسية.

وقد نصحه طه حسين بذكائه وسعة أفقه؛  بأن يضيف دراسة مقارنة عن رحلة جيرار دونرفال ١٨٠٨- ١٩٥٥  إلى مصر في الفترة نفسها، ووافق له على الإشراف علي بحثه.

أتيح له أن يقابل طه حسين وعرض عليه موضوعه للماجستير في الأدب الفرنسي عن رحلة الطهطاوي إلي باريس، باعتبارها تحقيقا عربيا عن الحضارة الفرنسية، فنصحه طه حسين بدراسة مقارنة عن رحلة جيرار دونرفال ١٨٠٨- ١٩٥٥  إلي مصر في الفترة نفسها

تصادف أن أصبح طه حسين وزيرا للمعارف، فساعده على الابتعاث إلي فرنسا، ومنذ ذلك الحين عاش  أنور لوقا في عصر رفاعة، وفي باريس وغيرها من البلاد المتحدثة بالفرنسية. عمل الدكتور أنور لوقا أمينا لمكتبة، ومترجما، ومدرسا في جامعة ليون، ونال الدكتوراه في الأدب المقارن.

وقد كان الدكتور أنور لوقا بالإضافة لتخصصه مولعا بالموسيقي والرحلات، كما مارس الكتابة الصحفية في مصر وخارجها، ودرّس علم الدلالات.

منشوراته عن رفاعة الطهطاوي

اهتم الدكتور أنور لوقا بموضوع بحثه عن رفاعة وعصر رفاعة،  و أصدر عددا من الدراسات بالعربية والفرنسية ، وقد نشر  كتابه «ربع قرن مع رفاعة الطهطاوي» (1985) في سلسلة «اقرأ» (دار المعارف).

لكن كتابه لم يترك أي أثر في بلورة الأفكار عن الطهطاوي ودوره التنويري بما يتناسب مع جهد ومعرفة من تفرغ لدراسة علم من أعلام التنوير أو حتى التغيير .

ولهذا فإنه بعد 12 عاما نشر كتابه «عودة رفاعة الطهطاوي» (1997) في تونس، مضيفا إلي الكتاب الأول مقدمة وخاتمة، وقد نشر هذا الكتاب بمقدمة للأستاذ منجي الشملي أستاذ الأدب المقارن في جامعة تونس الأولي، بيد أنه فيما يبدو لم يصل إلى السر في الخلطة العبقرية لرفاعة الطهطاوي وإن كانت دراساته الببليوغرافية عن رفاعة وعصره مفيدة بالطبع .

قادته دراسته لرفاعة  إلي الاهتمام بالفترة القريبة من رفاعة، وهي  فترة الحملة الفرنسية، وآثر لسبب غير معروف أن يسير على خطى لويس عوض في مناقضة الإجماع التاريخي والوطني  والانحياز للمعلم يعقوب، وتبرير سلوكه المناهض للوطنية إلي حد اعتباره رائدا للتنوير.

حتى إن أبرز كتاباته عن فترة الحملة الفرنسية ، هو كتابه «هذا هو المعلم يعقوب» الذي صدر بمناسبة الندوة التي أقيمت حول مشروع لويس عوض الثقافي في المجلس الأعلى للثقافة في القاهرة، وكتابه «النهضة المصرية وحدود أعمال بونابرت»، وضع الدكتور أنور لوقا فهرسا للمخطوطات العربية في مكتبة جامعة جنيف.

 قادته دراسته لرفاعة  إلي الإهتمام بفترة الحملة الفرنسية، وأن يسير على خطي لويس عوض في مناقضة الإجماع التاريخي والوطني  و الانحياز للمعلم يعقوب ، وتبرير سلوكه المناهض للوطنية إلي حد اعتباره رائدا للتنوير.

مؤلفاته
  • “بلزاك”
  • “جون نينى” صديق عرابي.
  • علي بهجت أول أثري مصري
  • إدريس افندي  في مصر
  • مصر الأخري من بونابرت وحتي طه حسين”  صدر عن المركز الفرنسي للآثار الشرقية بالمنيرة‏.‏
  • “حوار بين ثقافتين” عن العلاقات المصرية ـ الفرنسية
  • جوانب خفية من الثورة العرابية : سلطان باشا
  • ترجم للفرنسية
  •  كتاب رفاعة الطهطاوي “تخليص الابريز” إلى الفرنسية‏.
  • كتاب “الفتنة الكبرى” والجزء الثالث من “الأيام” لطه حسين إلى الفرنسية.
  • ترجم للعربية
  • مسافر بلا متاع لجان انوي
  • قاتل بلا اجر ليونسكو
وفاته

توفي الدكتور أنور لوقا في 24 أغسطس ٢٠٠٣.

المدونة لا تعبر عن موقف أو رأي الجزيرة مباشر وإنما تعبر عن رأي كاتبها