أنقذونا لقد عاد الإسلاميون إلينا!

قد يكون العنوان مثيرًا بسبب احتوائه على مصطلحٍ لطالما استعملته الأنظمة الديكتاتورية في الدول العربية كبعبعٍ لإرهاب وتخويف الشعوب؛ لكن ما جاء عنوانا ريسيا لإحدى الصحف الجزائرية الناطقة بالفرنسية “أنقذونا لقد عادوا” مصحوبًا بصورةٍ لتجمعٍ إسلامي في إحدى دول الربيع لهو انتقال خطيرٌ – ليس الانتقال الديمقراطي الذي يدعو له الإسلاميون طبعًا- لكنه انتقال إلى القاع في أداء الرسالة الإعلامية التي أقسمنا جميعًا على الإخلاص لها.

 لستُ هنا لأعطي دروسًا في المهنية لأي كان فقد أحتاجها يومًا، لكن الأنظمة الديكتاتورية بتصرفات أذرعها الإعلامية باتت كالمتفرج على حلبة المصارعة يستمتع بالضرب والصراخ، وهنا تحضرني قصّة حمارٍ كان مقيّدًا بشجرة فجاء الشيطان ففكّ رباطه.

بعدها دخل الحمار حقل الجيران وبدأ يأكل اليابس قبل الأخضر وحين رأته زوجة صاحب الحقل أخرجت البندقية وقتلت الحمار! وحين سمع صاحب الحمار صوت البندقية فزع مهرولًا ليرى حماره قتيلًا فغضب هو الآخر وأطلق النار على زوجة صاحب الحقل، ولمّا رجع الفلاح وجد زوجته مقتولة فقتل صاحب الحمار، وحين سئل الشيطان ماذا فعلت؟  أجاب قائلًا لم افعل شيء غير أنى أطلقت الحمار.

 والشاهد في القصة أنّ الأنظمة الشمولية والديكتاتورية في حربها على الشعوب باتت في موقف إبليس المتفرّج على مجزرة الجيران، غير انّ النظام لم يفعل شيئًا غير إطلاقه أذرعه الإعلامية لتعيث في المشهد الحضاري للاحتجاجات الأخيرة التي تشهدها الجزائر ضد الفنّ أو بعد أن حوّله البعض إلى ما يسمى بالعفن.

وبالعودة إلى الحراك الأخير وحرب الإعلام الرسمي وغير الرسمي الذي بات في الولاء سباقًا للتلفزيون الجزائري، نجدّ أنّ الحملة الممنهجة ضد تحركٍ عفويٍّ لمجموعة من المتظاهرين رأوا في إقامة الحفلات الفنية والسهرات الصاخبة في مدينة ورقلة عاصمة البترول والغاز الجزائري؛ وسط درجات حرارةٍ فاقت الخمسين، وأمام شبكة كهرباء تعجز عن تسيير مكيّف كهربائي، ومطربين تعودوا إقامة الحفلات في الفنادق الفخمة والصالات الفارهة، امرًا منافيًّا للمنطق،

فورقلة وغيرها من المدن التي رفضت أن ترقص ألمًا على واقعها وفضّلت السجود خشوعًا أو رياءً تفتقر، حسب الحكومات المتعاقبة منذ الاستقلال، إلى ما يجعلها تفكر فقط في تحريك الخصور. غير أنّ ما فتح أبواق بعضٍ من الإعلاميين الجزائريين المنتمين ظلمًا إلى الفكري العلماني الذي لا يفقهون منه غير أنّ الصلاة في الشارع تخلّفٍ والمقاطعة سهراتٍ غنائية لا يفهم المرء منها إن كانت غناءً ام نهيق حمير إلا أنها ضربٌ من ضروب الجاهلية، وعلى ذكر الجاهلية والجاهلية جزءٌ من التاريخ كما الإسلام، وبما انّ أغلب العلمانيين الجزائريين يقتاتون على هذا العصر، لم نجد في التاريخ أنّ قبيلة عبسٍ أطعمت أبناءها من قصائد عنترة بن شداد وشتان بين عنترة العبسي و “كادر الجابوني” وانّ قبيلة ذبيان بنت خيمها من قصائد النابغة الذبياني مثلما أراد “الشاب ماميدو” أن يفعل في حفل الأغواط، ولم يصل أسماعنا أنّ قبيلة بكرٍ بن وائل أنارت قبيلتها بروائع أشعار الأعشى ، كما أرادت “وردة شارلومنتي” أن تفعله في الجزائر بهرطقتها.

بدأ الحقد والغل الإعلامي على الوعي المتنامي لدى الجزائريين، بوصفهم بالوحوش والعقارب وما أٌرهِب وتبشّعَ، لكنّ الردّ الحضاري من المتظاهرين الجزائريين على هذا الكيل من الاتهامات من أشباه العلمانيين كان حضاريًّا، بأن واصلوا مقاطعتهم للكماليات في  غياب الأساسيات، مع الزيادة، هذه الزيادة كانت إقامة الصلاة أمام الساحات التي تمنى هؤلاء الإعلاميين أن لا يذكر فيها اسم الله، فما بالك أن تقام فيها الصلاة ركوعًا وسجودًا، لندخل  بعدها مرحلةً جديدة من حرب أشباه الإعلاميين على الإسلام وهوية الجزائريين تحت عنوان أنقذونا لقد عادوا !

المدونة لا تعبر عن موقف أو رأي الجزيرة مباشر وإنما تعبر عن رأي كاتبها