أغلى من الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي: هذه هي التكلفة الحقيقية لإضرابات فرنسا

 

تعيش فرنسا منذ أكثر من عام على إيقاع احتجاجات كثيفة ضد سياسات الحكومة الفرنسية والتعديلات التي أعلنها رئيس الوزراء الفرنسي إدوارد فيليب في قطاعات مختلفة.

لم تقتصر شوكة ذوي السترات الصفراء على الوسط السياسي والإعلامي فقط، بل بلغت ميادين أخرى وسببت فيها أضرارا أكبر من التي نقلتها وسائل الإعلام من شارع “شانزليزيه” حيث أُحرقت السيارات وحُطمت  واجهات المحلات والمطاعم. ويبدو أن هذه الأضرار “الحقيقية” قد بلغت أوجها في شهر ديسمبر/كانون الأول وما يرافق ذلك من طقوس شعبية لأعياد الميلاد.

ديسمبر: شهر تجاري بامتياز

لا تبدو باريس عاصمة للأنوار إلا في شهر ديسمبر/كانون الأول، حيث تتنافس الشوارع والمحلات لتقديم أجمل الزينات والأضواء، وقد تتفوق شوارع كثيرة على نظيرها القوي شانزليزيه في هذه الفترة لأن التنافس لا يقتصر على المنظر فقط، بل يستهدف زبائن وزوار باريس، وما أكثرهم في أعياد الميلاد.

وقد نشرت وكالة “ان بي دي” في دراسة حول سوق مواد التجميل والعطور في باريس أن 20 من العطور الباريسية تباع في الأسابيع الثلاثة الأولى من شهر ديسمبر/كانون الأول، وتمثل تجارة العطور 60 من إجمالي تجارة المواد التجميلية.

كما تعرف أسواق أخرى أقل شهرة من سوق مواد التجميل ازدهارا كبيرا في هذه الفترة، كسوق شجر التنوب الذي يستعمل في تزيين البيوت خلال احتفالات أعياد الميلاد. وقد صرف الفرنسيون سنة 2018 ما يزيد على 150 مليون يورو لشراء هذا الشجر حسب دراسة وكالة تي أن أس الفرنسية.

وفي المجمل، حددت غرفة التجارة الفرنسية أن فترة أعياد الميلاد تمثل في المتوسط ربع المداخيل التجارية السنوية لمنطقة باريس وضواحيها.  

الإضراب العام كارثة اقتصادية:

وفي السياق نفسه، تحتاج هذه الأسواق إلى شبكة متكاملة ومتناسقة ومنتظمة من الخدمات لكي تتم العملية التجارية بشكل عادي، غير أن الإضرابات المتتالية في فرنسا منذ أسابيع لم تسمح لهذا العرس المالي بالانطلاق كما كان مرجوا له بسبب توقف شبه كامل لحركة المواصلات العمومية، وما تلاه من اكتظاظ لحركة المرور.

وقد أعلنت مجموعة من النقابات والتعاونيات الحرفية في باريس أن عدد الزيارات في الأسواق والمحلات قد تراجعت بنسبة 12% ووصلت النسبة إلى 80% في بعض المحلات الواقعة داخل المحطات الكبرى أو بالقرب منها، بينما ألغي ربع الحجوزات في الفنادق.

ويرى اصحاب السترات الصفراء والمشاركون في الإضرابات العمالية أن هذه الفترة الحيوية هي الأنسب لإيصال صوتهم إلى أصحاب القرار.

المدونة لا تعبر عن موقف أو رأي الجزيرة مباشر وإنما تعبر عن رأي كاتبها