دقيقتان مع الأمير أحمد بن عبدالعزيز آل سعود

               

 كثر في الأيام الأخيرة اجتماع المعارضين السعوديين، قرب منازل وأماكن تواجد الأمراء من آل سعود في الخارج، والهتاف ضد الأمير وعائلة آل سعود الحاكمة في المملكة، وغلب على الأمراء الصمت ومتابعة المسير وكأن شيئاً لم يحدث، وفي بعض الحالات رد بعض أنصار آل سعود في الخارج، بمهاجمة المعارضين والاعتداء عليهم بالضرب، كما حصل مع المعارض السعودي المعروف غانم الدوسري في لندن، وبعد ساعات اجتمع بعض المعارضين بمكان ليس ببعيد عن موقع الاعتداء، قرب منزل الأمير أحمد بن عبد العزيز آل سعود بمدينة لندن.

 الأمير أحمد أصغر أبناء الملك المؤسس للدولة السعودية الحديثة، وبدأ الهتاف ضد آل سعود، بتزامن مع دخول الامير الى منزله.

كمعظم أمراء آل سعود أسرع الأمير في الخطى باتجاه المنزل في محاولة لتلافي الاحتكاك المباشر مع المعارضين، ولكن بدت ملامح على وجه الامير وتصرفاته، أمال رأسه الى الأرض وسار وبفمه كلمات، تراه ينظر خلسة الى المتجمهرين، وعندما وصل الى باب المنزل لم يدخل ويغلق الباب، وقف لثوانٍ يستمع للهتاف ضد ال سعود، ومع اقتراب حرس الأمير الخاص من المتجمهرين في محاولة لإبعادهم عن المنزل خرج الأمير مسرعا قائلا: لا تلمسهم، ثم خاطب المتجمهرين تعالوا.. تعالوا، وهو يقترب منهم، ثم قال: لماذا تسب ال سعود شو دخل ال سعود كلهم؟، لماذا تحملون تصرفات أفراد معينين وممكن مسؤولين؟

قالها وفي قلبه غصة وتأنيب ضمير واضح، محملا بعض المسؤولين مسؤولية ما يجري في اليمن والعراق وبعض دول المنطقة ، غير متردد في الدخول بحوار مع المتجمهرين والإجابة عن أسئلتهم، ولم يتردد بقول إن الملك الحالي وولي عهده يتحملان مسؤولية السياسات الخاطئة.

لم يتردد الأمير أحمد بن عبد العزيز آل سعود من انتقاد السياسة الداخلية للمملكة متمنيا انتهاء مشكلة معتقلي الرأي، ومنتقدا سياسة الخارجية ، متمنيا انتهاء حرب اليمن وإصلاح الأوضاع مع دول الجوار، ثم طلب من المتجمهرين الدعاء من أجل تبديل الحال الى الأفضل.

في تصرف هو الأول من نوعه ويمثل رمزية كافية لتوضيح الكثير عن الأحداث التي تجري داخل الأسرة الحاكمة من خلاف

دقيقتان فقط لخصت مقدار الشرخ في الأسرة الحاكمة للمملكة، دقيقتان تحملان من النقاش والتفسير والتحليل ما تعجز عنه ساعات من التحليل والتفسير السياسي والأخلاقي، كان يكفي لمحلل سياسي أن يجلس ساعات يتحدث عن تصرف الأمير في دخوله الى المنزل، وكيف كان يراقب المتجمهرين بخلسة، وماذا تحمل من معانٍ، مثل عدم الرضى والشعور بالذنب.

 تعاطف الأمير مع المتظاهرين ، ولكن هذا ما يملكه، فأصبح من المعروف أن أمراء آل سعود لم يعودوا بحصانة تحميهم من الاعتقالات، وقد سجن العديد منهم، ونهب من مالهم ما نهب.

إن الخلاف في الأسرة الحاكمة كبير جدا، قد يصل الى تصديق حادثة إطلاق النار في حي الخزامى، التي قيل إنها محاولة اغتيال دبرها بعض الأمراء، من أجل التخلص من ولي العهد محمد بن سلمان الحاكم الفعلي للبلاد، كما يفتح الحديث عن إمكانية قيام الأسرة الحاكمة بتنفيذ محاولة انقلاب أو اغتيال لولي العهد محمد بن سلمان في المستقبل القريب، كما يفتح الباب أمام المعارضة كي تتكلم بصوت عال: أنتم لستم وحدكم، وهناك الكثيرون من داخل الأسرة الحاكمة معكم. في دقيقتين نجح الأمير أحمد بن عبد العزيز آل سعود في أن يُفهم المتجمهرين أن العدو في السعودية ليس آل سعود، وأن من ينهب خيراتهم الآن ليس آل سعود، وأن مشكلتهم الآن ليست مع آل سعود.

 في دقيقتين أقنع الأمير أحمد المعارضين بأن العائلة الحاكمة تعاني كما يعاني الشعب وأن العدو مشترك وهو متمثل في الملك الحالي الذي سلم مقاليد الحكم الى ولي عهده الشاب الطائش الأرعن، ولم يشأ الأمير أن يترك المتجمهرين دون أن يطلب منهم الدعاء أن يبدل الله الحال.

 نسأل الله أن يبدل الحال الى الافضل

المدونة لا تعبر عن موقف أو رأي الجزيرة مباشر وإنما تعبر عن رأي كاتبها